استضافت حدائق المندوبية بطنجة، أمس الجمعة، لقاء أدبيا حول “جيل البيت” (Beat Generation)، وهي حركة أدبية وفنية أمريكية، وذلك في إطار الدورة الأولى لمهرجان الضفاف الثلاث “طنجة تغني العالم”.
وافتتح هذا اللقاء، الذي شهد حصور نخبة من الأكاديميين وشخصيات من العوالم الثقافية والأدبية، بقراءة شعرية رائعة لرئيس مؤسسة ثقافات العالم، الشاعر إدريس العلوي المدغري، الذي شنف آذان الحضور بأبياته الماتعة.
ومن خلال أعماله مثل “اتبع دربك” و”الدروب المتشعبة” أو “ميا، حوار حقيقي مع الذكاء الاصطناعي”، أمتع المبدع العلوي المدغري الجمهور بقراءة شعرية لمجموعة من قصائده، ناقلا بذلك الجمهور في رحلة تتجاوز حدود المألوف.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس المؤسسة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على أهمية الشعر في شحذ الوعي الفردي، مبرزا أنه من خلال “إثارة التعاطف والرأفة والرغبة في العيش المشترك، فإن سحر الشعر يجعلنا أكثر حساسية واهتماما بالآخرين”.
وأشار إلى أن مهرجان الضفاف الثلاث يشكل إضافة نوعية لطنجة، التي تحتاج إلى هكذا تظاهرات، تلتقي فيها الثقافة المتوسطية بنظيرتها الأطلسية، في أجواء تحتفي بالفن والشعر بكل رونقهما، بمدينة منفتحة على العالم شهدت بدورها على تطور “جيل البيت”.
وفي كلمة بهذه المناسبة، سلط الباحث الفرنسي المتخصص في التاريخ والعلوم الاجتماعية، أوليفيي بينو-لاكاساني، الضوء على الروابط الفريدة بين مدينة البوغاز و”جيل البيت”، من خلال التركيز خصوصا على الكاتب الأمريكي ويليام بوروز، وهو أحد أبرز شخصيات هذه الحركة الأدبية.
ويليام بوروز، الذي عاش في طنجة بين 1954 و1958، وصف هذه الأخيرة بأنها “ملاذ آمن حيث يكون الجميع في مأمن من أي تدخل”.
وفي معرض حديثه حول حركة “جيل البيت”، التي بصمت تاريخ طنجة المعاصر بشكل خاص، وتاريخ الأدب العالمي بشكل عام، أبرز الباحث الفرنسي أن “جيل البيت” نشأ في سياق كانت تفرض فيه الرقابة على الفنانين والكتاب والمثقفين، وهو مناخ مكن من بزوغ “رؤية جديدة” في مجتمع أمريكي “مادي، ضيق الأفق، وغير متسامح”.
من جانبه، تطرق الأكاديمي الفرنسي المتخصص في الأدب المقارن والدراسات الأمريكية، برايس ماثيوسنت، لتطور الفن والأدب معا في قلب حركة “جيل البيت”، مركزا على شخصية أخرى تنتمي لهذه الحركة، وهي الرسام بريون جيسين.
وأكد ماثيوسنت أن بريون جيسين التقى لأول مرة بالكاتب ويليام سيوارد بوروز في طنجة، حيث تعاون معه في تطوير تقنية أدبية جديدة، وهي “التقطيع”، والتي تقوم على نقل ممارسة الكولاج التي ابتكرها الرسامون إلى الكتابة.
وعلى هامش هذا اللقاء، سيتم تنظيم معرض حول “جيل البيت” بمكتبة Les Insolites، بالإضافة إلى جلسة شعرية بحدائق المندوبية، وهو فضاء يكتسي أهمية تاريخية كبرى بمدينة البوغاز.
ويقدم هذا المهرجان، الذي ينظم بمبادرة من مؤسسة ثقافات العالم إلى غاية 1 يونيو المقبل، برنامجا غنيا ومتنوعا يجمع بين الحفلات الموسيقية واللقاءات الأدبية واللحظات الشعرية والعروض في الهواء الطلق.
ويتضمن برنامج الدورة سلسلة من الحفلات الموسيقية التي ستقام كل مساء بقصر الفنون والثقافة، بمشاركة فنانين ذوي شهرة وطنية ودولية، من بينهم الفنانة اللبنانية جاهدة وهبي، والموسيقي المغربي عمر المتيوي وفرقته الششتري، وجوقة لندن كوميونيتي غوسبل، وفرقة إيتاكا، ورباعي تيغران كازازيان، بالإضافة إلى النجمة سميرة القادري وإبداعها “من ضفة إلى أخرى”.
Leave a comment