المغرب العربي للأنباء
هل سبق وسمعت “بالهوكي” على الرمال، لا بد أن ينتابك شعور بالغرابة، كيف ذلك؟ هنا في صحراء محاميد الغزلان يمكنك تجربة هذه الرياضة الشعبية، والتي تتميز بها القبائل الصحراوية والسكان المحليون للمنطقة، ولن تجد فرصة مثالية لمزاولتها أفضل من هذا التوقيت من العام، كيف لا، وفعاليات الدورة العشرين للمهرجان الدولي للرحل تتواصل في هذه الفترة من شهر أبريل، من خلال عرض رياضي مثير جمع بين أصالة الماضي وروح التحدي، تَمثّل في مباراة هوكي على الرمال، المعروفة محليا بـ”المكحاش”، أعقبها سباق استعراضي للهجن، وسط تفاعل كبير من جمهور متنوع تابع هذه الفقرات الفريدة عند أطراف الكثبان الرملية لمحاميد الغزلان.
وشكلت مباراة “المكحاش” لحظة قوية استعرض خلالها اللاعبون مهاراتهم في رياضة صحراوية أصيلة توارثتها الأجيال من البدو الرحل، وتُمارس منذ عقود طويلة كمتنفس ترفيهي بعد مشقة العمل اليومي.
وتعد هذه اللعبة رياضة تقليدية تمارس على الرمال بين فريقين، يتكون كل منهما من خمسة لاعبين، وتمتد غالبا لأربعين دقيقة، وفق ما أوضحه إسماعيل، أحد لاعبي فريق محاميد الغزلان، الذي يشغل مركز مدافع، في تصريح للصحافة عقب المباراة.
وأضاف إسماعيل أن اللعبة تمثل رمزا للانتماء والتعاون الجماعي في الفضاء الصحراوي، وتعكس عمق الذاكرة الثقافية للمنطقة.
من جهته، قال ستيفان، وهو زائر ألماني يحضر مهرجان الرحل للمرة الثالثة، في تصريح مماثل، إن “حضوره هذه السنة جاء بدافع التعمق في مظاهر الثقافة الصحراوية وتوثيقها”.

وبخصوص المباراة، أكد أنه لم يكن يعلم شيئا عن هذه اللعبة إلى أن شاهدها مباشرة وسأل أبناء المنطقة عنها، ليدرك أنها ليست مجرد منافسة، بل طقسا اجتماعيا غنيا بالدلالات.
وعقب المباراة، تحولت الأنظار إلى مضمار الهجن، حيث انطلقت سباقات الجِمال وسط هتافات المشجعين، واستعراضات الفرسان الذين استحضروا تقاليد الفروسية الصحراوية، في لوحة حية تجسد عمق ارتباط الرحل بالإبل، ودور الجمال المحوري في الحياة اليومية والتنقل عبر الصحراء.
وتندرج هذه الفعاليات ضمن الأنشطة الموازية التي يحتفي بها مهرجان الرحل، الذي تنظمه جمعية “رحل العالم”، بتعاون مع عدد من الشركاء المحليين والدوليين، وهي أنشطة تبرز أوجه التراث غير المادي للجنوب المغربي، وتعيد إلى الواجهة صورا من الحياة اليومية للإنسان الصحراوي، في أبعدها الجمالية والرياضية والاجتماعية.
عام بعد عام يواصل المهرجان الدولي للرحل وفي عامه العشرين، وبشعاره “مدينة بلا أسوار في قلب الصحراء” تأكيد موقعه كملتقى للثقافات، وفضاء للتسامح، ومنصة تحتفي بما تحمله الصحراء من أصالة، وحكمة، وشاعرية، ونقطة جذب سياحي لاغنى عنها في الأجندة الفنية والثقافية للمغرب.
Leave a comment