إلى عشاق الصحراء والأماكن المنعزلة عن العالم الخارجي، هنا ستجدون ضالتكم في هذه الرحلة الفريدة من نوعها، والتي تحبس الأنفاس، الوجهة اليوم من دليلكم السياحي “بلادي دوور”، تحملكم إلى صحراء أرفود وتحديدا وسط هضبة المرحة، في واحة “فزنا” بين كلميمة وأرفود، توجد إحدى جواهر الفن المعماري المعاصر، تدعى السلم السماوي، واللولب الذهبي ومدينة أوريان، وهي ثلاث منحوتات ضخمة يشير إليها السكان المحليون بإسم “الألماني” نسبة إلى الفنان الألماني هانسجورج فوث الذي قام ببنائها.
حيث تعتبر هذه الأعمال تحقيقا لحلم فوث بربط الأرض بالسماء، فقد كان فوث متابعا عظيما لفن الأرض، مستهديا بحبه للعالم السماوي في تحقيق هذه الأعمال الفنية المميزة، والتي استوحاها من التقاليد المحلية والبيئة الصحراوية للمكان.
تم تشييد جميع المباني وفقا لمبادئ العمارة المحلية، جامعا بين وجود الآبار ورموز البقاء في الصحراء.
ورغم صعوبة الوصول إليها نظرا لوعورة التضاريس، فمن أجل الوصول إلى هذه الأعمال النحتية الجذابة، يتوجب على الزوار عبور طريق وعر وسط الصحراء، خاصة على جانب الوادي بالقرب من سد “تلي”، ويفضل زيارة “اللولب الذهبي” أولا، نظرا لقربه من قرية “فزنا” التي تشق طريقها بين الخطارات.
ويشار إلى أن المتجولين يمشون لمدة ساعة ونصف للوصول إلى هناك، ويجب الخروج إليها في الصباح الباكر من أجل العودة بعد الظهيرة، حين يكون الطقس معتدلا بعد زيارة المعالم الثلاثة التي تشكل المجمع الشهير.
يبعد “اللولب الذهبي” بحوالي ثلاث كيلومترات من “مدينة أوريان”، التي تبعد هي الأخرى بخمس كيلومترات عن “السلم السماوي”.
كل هذه الطرق المتواجدة في قلب الصحراء غير معبدة، وتستغرق الرحلة بالسيارة ما بين 30 و 45 دقيقة حسب نوع السيارة.
في منتصف العدم وعلى مدار أكثر من 20 عامًا، سيقوم الفنان الألماني هانس جورج فوث، بتصميم أعماله الأكثر إبداعًا، والتي ترمز للعالم السماوي وذلك بالتعاون الوثيق مع الحرفيين المحليين، إنها تحفة تستحق الزيارة رغم صعوبة الوصول إليها.
السلم السماوي
أول عمل قام المهندس الألماني بتشييده كان عبارة عن درج عملاق على شكل مثلث ارتفاعه 16 مترًا، وقد تم بناء هذه السلالم السماوية، بين عامي 1980 و1987.
يتوجب على الزائرين صعود سلم من 56 درجة للوصول إلى القمة، ولزيادة المتعة والتشويق، صمم السلم السماوي بشكل تضيق جدرانه الجانبية تدريجيًا، حتى تشكل شقًا رأسيًا في الأعلى، وهو مرتبط الخطوات بالسماء، كما يتم استخدام المبنى كمرصد للظواهر السماوية.
بُني على يد حرفيين محليين باستخدام تقنيات قديمة، من أساسات حجرية وجدران طينية بارتفاع 16 مترًا، يُلقي هذا المثلث القائم العملاق ظلًا على الأرض، ويستخدمه الرعاة أحيانًا للإحتماء من شمس الصحراء الحارقة، فهو الظل الوحيد في هذه المنطقة، يوجد بجوار النصب التذكاري بئر، وهو عبارة عن نسخة طبق الأصل من الخطارة.
اللولب السماوي
بين عامي 1992 و1997 سيواصل المهندس الألماني مشروعه، من خلال بناء العمل الثاني المسمى اللولب السماوي، بني هذا الأخير وفقا للرقم الذهبي “فاي”، وهو منحدر حجري يصل ارتفاعه إلى 260 مترا، ويبدأ من الأرض ويصل ارتفاعه إلى 6 أمتار.
يؤدي منحدر حجري إلى قمة الحلزون في الوسط، يدخل سلم حلزوني إلى قلب المبنى، كن حذرا فبعد مائة خطوة ستجد نفسك في قاع البئر، ويأخذ اللولب الذهبي شكل صدفة “نوتيلوس“، رمز الكمال الهندسي.
مدينة أوريان
آخر أعمال الفنان في سهل “مارها”، كانت مدينة أوريان التي صممت بين عامي 1998 و2003، من الأبراج المستطيلة المصنوعة من الطوب اللبن، تمثل النجوم السبعة الرئيسية لكوكبة الجبار، وهي واحدة من أجمل الأبراج في السماء في نصف الكرة الشمالي.
لقد ألهمت هذه النجوم الساطعة والقابلة للرؤية بسهولة العديد من الزوار الذين يتوافدون يوميا لزيارة المنطقة، حيث إن عدد المباني التي صممها هانسجورج فوث، مثل عدد النجوم وبنفس الأبعاد التناسبية، ملتقطا بدقة حجم كل نجم وسطوعه وموقعه.
تعد هذه الأعمال الهندسية الفنية واحدة من أهم أماكن الجذب السياحي التي تستحق الزيارة والاكتشاف، ما يجعلها فرصة مواتية للوقوف على عبقرية المهندس الألماني والحرفيين المحلين.
وفي عمق الصحراء تقف هذه الأشكال الهندسية شامخة، ولسان حالها يقول “أنا هنا رغم كل الظروف”.
Leave a comment