في خطوة تعكس التزام الحكومة المصرية بتطوير قطاع السياحة وتحسين بيئة العمل فيه، أصدر شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، قرارًا وزاريًا بزيادة أجور المرشدين السياحيين اعتبارًا من الأول من أكتوبر 2025. هذه الزيادة، التي تُعد الأولى منذ عام 2023، تأتي لتعزيز مكانة المرشدين السياحيين كعنصر أساسي في تقديم تجربة سياحية متميزة، مما يساهم في رفع مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية.
تفاصيل الزيادة
وفقًا للقرار الوزاري، تم تحديد الأجر اليومي للمرشد السياحي بـ 1800 جنيه مصري ليوم العمل الكامل (8 ساعات)، و1100 جنيه مصري لنصف يوم (4 ساعات متصلة). هذه الزيادة تمثل قفزة كبيرة مقارنة بالأجور السابقة التي كانت 1000 جنيه لليوم الكامل و600 جنيه لنصف يوم في عام 2023. وقد تم التنسيق مع النقابة العامة للمرشدين السياحيين وغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة لضمان تطبيق هذا القرار بشكل فعال، مع التأكيد على عدم التعاقد مع أي مرشد بأجر أقل من القيمة المحددة.
أهمية المرشدين السياحيين
يُعتبر المرشد السياحي الواجهة الحضارية لمصر، حيث يلعب دورًا حيويًا في نقل صورة إيجابية عن الثقافة والتاريخ المصري للسائحين. من خلال روايتهم الممتعة لقصص الحضارة الفرعونية، والإسلامية، والقبطية، يسهم المرشدون في إثراء تجربة الزائر، سواء في زيارة الأهرامات، أو معابد الأقصر وأسوان، أو المواقع الأثرية في الإسكندرية. هذا الدور لا يقتصر على تقديم المعلومات التاريخية، بل يمتد ليشمل حل المشكلات التي قد تواجه السائحين، مثل التنسيق مع الأمن أو التفاوض مع الباعة المحليين، مما يجعل المرشد السياحي عنصرًا لا غنى عنه في القطاع.
تأثير القرار على القطاع السياحي
تأتي هذه الزيادة ضمن استراتيجية أوسع لوزارة السياحة والآثار لدعم العنصر البشري وتحسين جودة الخدمات السياحية. وأكدت سامية سامي، مساعدة الوزير لشئون شركات السياحة، أن هذا القرار يعكس تقدير الوزارة للدور الحيوي الذي يقوم به المرشدون في الترويج للسياحة المصرية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. من المتوقع أن تساهم هذه الزيادة في تحسين مستوى معيشة المرشدين، مما يحفزهم على تقديم خدمات أفضل، وبالتالي تعزيز رضا السائحين وزيادة معدلات السياحة الوافدة.
تحديات سابقة وتطلعات مستقبلية
على الرغم من أهمية مهنة الإرشاد السياحي، واجه المرشدون تحديات عديدة في السنوات الماضية، منها انخفاض الأجور مقارنة بالتضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، بالإضافة إلى نقص التأمين الصحي والاجتماعي. في عام 2017، كانت يومية المرشد السياحي في بعض الأحيان لا تتجاوز 100 جنيه، مما دفع البعض لترك المهنة بحثًا عن فرص عمل أخرى. ومع ذلك، فإن الزيادات المتتالية منذ ذلك الحين، بما في ذلك قرار عام 2023 والآن قرار 2025، تظهر التزام الوزارة بتحسين أوضاع المرشدين.
ومن المتوقع أن يعزز هذا القرار من جاذبية المهنة، خاصة مع تزايد الحركة السياحية إلى المدن الأثرية مثل القاهرة، الجيزة، الأقصر، وأسوان، والتي شهدت نموًا بنسبة 4-6% في الربع الأول من 2024 مقارنة بالعام السابق. كما أن إطلاق منصة تدريب إلكترونية لتأهيل العاملين بالقطاع، وتحديث الإضاءة في مواقع أثرية مثل الأهرامات، يعكس جهودًا متوازية لرفع جودة التجربة السياحية.
إن قرار رفع أجور المرشدين السياحيين ليس مجرد تحسين مادي، بل هو استثمار في العنصر البشري الذي يمثل قلب صناعة السياحة في مصر. من خلال دعم المرشدين، تعزز مصر صورتها كوجهة سياحية عالمية تقدم تجربة ثقافية غنية ومتميزة. ومع استمرار الجهود لتطوير البنية التحتية السياحية وتحسين ظروف العاملين في القطاع، يبقى الأمل في أن تظل مصر وجهة لا تُضاهى على خريطة السياحة العالمية.
Leave a comment