دائما ما ألهمت مدينة مراكش الكثير من المثقفين والكتاب والشعراء والمهندسين والطبقة المخملية من كبار صناع القرار، فرونق المدينة وسكونها وبشاشة سكانها ومرحهم الدائم يحفز الفنانين والمؤلفين لإبتكار منتجات خاصة بهم تحمل طابع المدينة الحمراء، ويظل مصمم الأزياء العالمي ايف سان لوران أبرز هؤلاء.
مراكش البيت المفضل لإيف سان لوران
انتقل ايف سان لوران إلى مدينة مراكش بهدف إكتشاف منطقة شمال افريقيا وهي المكان الذي ولد فيه ليعود إليه بعد ثلاثين عاما، ليصبح المغرب ملاذه ومصدر إلهامه، وبالأخص مدينة مراكش التي استقر بها رفقة شريكه بيير بيرجي، حيث كانا يزوران المغرب مرتين سنويًا في شهر ديسمبر ويونيو من كل سنة لتصميم مجموعات ايف سان لوران التي كان يغلب عليها اللون الأسود، وهو اللون المفضل لدى المصمم الفرنسي، قبل أن تهيمن الألوان على تصاميمه التي استمدها من تنوع الأزياء والمجوهرات التقليدية بأسواق مراكش، ليمنحه عشاق الموضة صفة مصمم الأزياء “الأفضل حساسية تجاه الألوان”، ويقول ايف سان لوران”بمجرد أن أصبحت حساسًا للضوء والألوان، لاحظت بشكل خاص الضوء على الألوان… في كل زاوية شارع في مراكش، وفي أزياء النساء والرجال، الذين يرتدون مزيجا من القفاطين بألوان نابضة بالحياة مابين الوردي والأزرق والأخضر والأرجواني.”

حديقة ماجوريل.. رفيق المتحف الدائم
في بداية الثمانينات من القرن الماضي عَلِم إيف سان لوران وبيير بيرجي أن حديقة ماجوريل التي كانا يزورانها باستمرار، مهددة بمشروع تطوير عقاري، ولإنقاذها من الهدم، قررا الإستحواذ عليها مع الفيلا المجاورة لها.
كان جاك ماجوريل، نجل صانع الأثاث والديكور الفرنسي لويس ماجوريل، هو من صمم الحديقة والفيلا، بعد أن أصبح مالكًا لأرض في مراكش، بنى عليها استوديو على طراز آرت ديكو من تصميم المهندس المعماري بول سينوار، وعلى مدى أربعين عامًا، زرع حديقةً تضم نباتات من خمس قارات.

تم اعادة تصميم الحديقة، عن طريق ماديسون كوكس في عام 2000، وباتت اليوم واحدة من أكثر المواقع زيارة في المغرب، حيث يزورها ما يقرب من 800 ألف زائر كل عام.
قرر إيف سان لوران وبيير بيرجي إنشاء مؤسسة حديقة ماجوريل عام 2001، وبعد عشر سنوات، تم الإعتراف بها كمؤسسة ذات منفعة عامة، تدعم المؤسسة حاليًا عددًا من المنظمات الثقافية والتعليمية، بالإضافة إلى جمعيات تعمل على مكافحة بعض الأمراض.
تتمثل المهمّة الأساسية لهذه المؤسسة في ضمان الحفاظ على حديقة ماجوريل ومتحف بيير بيرجي للفنون الأمازيغية ومتحف إيف سان لوران بمراكش، وضمان إشعاعها وصيانتها، كما تعمل على المساهمة في الحفاظ على التراث الطبيعي والمعماري للمغرب.
في عام 2016، منح جلالة الملك محمد السادس، بيرجي وسام الصليب الأكبر من درجة الوسام العلوي لخدماته المتميزة للمملكة المغربية.
حديقة ماجوريل ..المنفذ السري الى متحف ايف سان لوران
في عام 2010 ، استضافت حديقة ماجوريل معرض “إيف سان لوران”، وقد لاقى المعرض نجاحًا كبيرًا، أراد بيير بيرجي أن يكون المعرض بمثابة تكريم من سان لوران للمغرب، وخاصةً مراكش، وليرد الجميل لمدينة ألهمته بألوانها وأضوائها والتي وظفها في عمق تصاميمه، وليكون المتحف شاهدا على علاقة عشقه الجارف للمدينة الحمراء.
لتبدأ فكرة إنشاء متحف في هذا البلد العزيز على قلب سان لوران و بيير بيرجي بمواصفات مغربية عصرية وبمواد بناء تقليدية، حيث استُقدمَت أحجار البناء من مدينة تطوان، ليتم بناء المتحف على شكل رياض مغلق من الخارج وبساحة منفتحة على السماء تشبه بهو رياضات مراكش.
في عام 2017، سيفتح متحف إيف سان لوران مراكش والذي شيد بالقرب من حديقة ماجوريل، أبوابه في وجه زواره الذين قدموا من كل حدب وصوب لمشاهدة تحف وتصاميم المصمم الشهير ايف سان لوران .
بالإضافة إلى قاعة مخصصة لإيف سان لوران من تصميم كريستوف مارتن، يشكل المتحف مركزًا ثقافيًا أراده بيير بيرجي مكانا نابضا بالحياة، فنجد صالة لعرض الأفلام وأخرى لعرض اللوحات الفنية وقاعة محاضرات، وقاعة مخصصة لفن التصوير الفوتوغرافي، وفي كل ركن في المتحف يفهم الزائر مدى حب إيف سان لوران لمدينة مراكش.
ولا تخلو حديقة ماجوريل من بصمة بيير بييرجي الذي حول منزلا بالحديقة إلى أول متحف للزي الأمازيغي يضم أزياء واكسسوارات تخص الثقافة الامازيغية.
Leave a comment