بعد القرار الملكي لصاحب الجلالة بإلغاء شعيرة الذبح في عيد الأضحى والتي إعتاد المغاربة على إحيائها في كل سنة ، عادت ذكريات الماضي المرتبطة بشعيرة نحر الاضاحي لتخالج أذهان المواطنين نظرا لتشابه الظرفية التي حتمت اتخاذ قرارات مماثلة في ظروف مشابهة عاشتها المملكة المغربية في الماضي.
ووجه امير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس ضمن رسالة تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، دعا فيها الشعب المغربي بعدم القيام بشعيرة عيد الأضحى لهذه السنة، بسبب التراجع الكبير لأعداد الماشية وتوالي موجة الجفاف التي أرخت بظلالها على المغرب خلال السنوات الأخيرة.
التاريخ يعيد نفسه
لم تكن هذه المرة الأولى التي يصدر فيها قرار ملكي بإلغاء ذبح الأضحية، فقد سبق للملك الراحل المغفور له الحسن الثاني أن اصدر قرارا بعدم القيام بشعيرة عيد الأضحى سنة 1963 سنتان بعد إعتلائه للعرش الملكي بسبب الصعوبات الاقتصادية التي عان منها المغاربة بعد “حرب الرمال” والتي نشبت بين المغرب وجارتها الشرقية أثرت سلبا على رغبة المغاربة في إحياء هذ الشعيرة الدينية ليصدر حينها قرار ملكي من قِبَل الملك الراحل الحسن الثاني يمنعُ بموجبه المغاربة من نحر الأضحية خلال العيد.

“الجفاف” …عدو المغاربة الأول في عيد الأضحى
مابين 1980-1995 اي خلال 16 سنة تعرض المغرب ل6 سنوات من الجفاف بسب انقطاع الأمطار لمدة طويلة امتدت لعدة شهور، زحف خلالها الجفاف ليهم بقعة كبيرة من التراب الوطني وضعت البلاد أمام تحديات مناخية وإقتصادية، ما اثر بشكل “ملحوظ ” في أعداد الماشية، لتتحقق بذالك جميع الظروف التي ينبغي معها “إلغاء النحر”،وهو ما تأكد بالفعل ففي سنة 1981 ألغى الملك الراحل الحسن الثاني شعيرة عيد الأضحى بسبب أزمة اقتصادية شهدها المغرب، وفي رسالة وجهها الملك الراحل الحسن الثاني إلى شعبه، تلاها عنه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك، عبد الكبير العلوي المدغري متحدثًا عن أن “ما سينال الماشية من إتلاف وما سيطرأ على أسعارها من ارتفاع يضر بالغالبية العظمى من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود”.

“1996”.. عام آخر وليس الأخير
لم يكن عام 1981 آخر الأعوام التي لم يُقم فيها المغرب شعيرة ذبح الأضاحي، فقبل 30 سنة من الآن وبسبب موسم الجفاف الذي عرفه المغرب في بداية تسعينات القرن الماضي بدرجات متفاوتة، بلغت ذروتها سنة 1995 ليتم الإعلان حينها عن مرور المغرب بسنوات عجاف بسبب ندرة التساقطات المطرية، وقرّر الملك الراحل الحسن الثاني ذبح كبش نيابة عن المغاربة الذين التزمت غالبيتهم بهذا المنع فهو في المقابل، يعدّ ثالث عام في عهد الملك الراحل لا ينحر فيه المغاربة الأكباش خلال عيد الأضحى.
هذا وكانت المندوبية السامية للتخطيط قد أوضحت وفقا لنتائج البحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر الذي أجرته سنة 2022، أن 13 بالمائة من الأسر المغربية لا تمارس شعيرة عيد الأضحى، مبرزة أن 25.1 بالمائة من الأسر الأكثر يسرا لا تقوم بممارسة الشعيرة، مقابل 7.8 بالمائة بين الأسر الأقل يسرا.
فيما تظل نسبة المغاربة الذين لا يستطيعون شراء أضحية العيد مرشحة للزيادة في ظل ارتفاع مستوى المعيشة واستمرار موجة الجفاف التي قد تنذر بسنوات الحرمان من اضحية العيد لسنوات قادمة أخرى.

Leave a comment