في وقت تسجّل فيه السياحة المغربية انتعاشًا لافتًا، باستقبال البلاد لـ8,9 مليون سائح خلال النصف الأول من سنة 2025، أي بزيادة قدرها 19% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، لا يزال قطاع النقل السياحي، أحد الأعمدة الأساسية في المنظومة السياحية، يعاني من تهميش واضح، وسط مطالب متجددة بضرورة إدماجه في برامج الدعم الحكومي.
وحسب معطيات رسمية صادرة عن وزارة السياحة، فإن هذا الارتفاع يعادل 1,4 مليون سائح إضافي، ما يعكس جاذبية المملكة واستقرارها، وكذلك الجهود المبذولة في الترويج للوجهات المغربية وتحسين البنية التحتية. إلا أن هذه الدينامية لم تنعكس إيجابا على كل مكونات القطاع، وعلى رأسها النقل السياحي، الذي يشتكي الفاعلون فيه من غياب رؤية حكومية دامجة ومنصفة.
غياب الدعم رغم الأدوار المحورية
تؤكد الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي بالمغرب أن القطاع، وعلى الرغم من مساهمته الفعالة في استقبال ونقل ملايين السياح سنوياً، لم يحظ بأي التفاتة رسمية، لا من وزارة السياحة ولا من وزارة النقل، مشيرة إلى أن المهنيين يجدون أنفسهم في مواجهة التحديات الكبرى بمفردهم، دون أي دعم مباشر أو غير مباشر.
ويبرز التفاوت الصارخ عند مقارنة وضعية النقل السياحي بباقي قطاعات النقل، حيث تحظى هذه الأخيرة، مثل النقل العمومي الحضري أو الجماعي، ببرامج دعم متنوعة، من أبرزها برنامج “الحافلة الأمانة” لتجديد أسطول حافلات نقل المسافرين، في حين يبقى النقل السياحي خارج حسابات الدعم العمومي.
ارتفاع التكاليف وتحديات التجديد
تشير الفيدرالية إلى أن أسعار العربات السياحية شهدت ارتفاعًا غير مسبوق بلغ 150%، مما يجعل تجديد الأسطول ضربا من المجازفة بالنسبة للمقاولات المتوسطة والصغرى. وهو ما يهدد بتقويض التوازن المالي لها، ويحدّ من قدرتها على مواكبة معايير الجودة والسلامة والتنافسية التي بات يفرضها موقع المغرب كوجهة سياحية عالمية.
دعوة لوضع برنامج دعم خاص
في هذا السياق، تدعو الفيدرالية إلى إحداث برنامج دعم مستقل موجه للنقل السياحي، لا يرتكز بالضرورة على ضخ أموال مباشرة، وإنما على خلق آليات تمويلية محفزة، ومنح موجهة لتجديد الأسطول، بشروط مرنة ونسب دعم مشجعة، على غرار ما يتم العمل به في قطاعات مشابهة.
ضغط الاستحقاقات المقبلة
وتزداد حدة المطالب مع اقتراب موعد تنظيم المملكة لكأس إفريقيا للأمم 2025، الذي يتزامن مع عطلة نهاية السنة، وهي فترة ذروة في الطلب على خدمات النقل السياحي. وتحذر الفدرالية من أن الوضع الحالي للقطاع لا يسمح بتلبية الطلب المتوقع، ما قد ينعكس سلبًا على صورة المغرب التنظيمية والخدماتية.
أمام كل هذه المعطيات، يبدو أن إنصاف قطاع النقل السياحي لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحة لإنجاح الرهانات الكبرى التي تخوضها المملكة في المجال السياحي. دعم هذا القطاع لا يعني فقط الحفاظ على توازنه، بل هو استثمار في جودة تجربة السائح، وفي جاذبية المغرب كوجهة عالمية.
Leave a comment