يواصل المغرب رهانه على ترسيخ مكانته كوجهة سياحية مفضلة، مستقطبا أعدادا متزايدة من الزوار الذين يخططون لإقاماتهم بشكل مسبق، وسط مؤشرات إيجابية تؤكد دينامية القطاع رغم التحديات البنيوية التي ما زالت قائمة.
وارتفعت العائدات السياحية للمملكة بنسبة 13% لتبلغ 67 مليار درهم مع متم يوليوز 2025، كما أن 33% من السياح باتوا يحجزون إقامتهم قبل السفر بفترة تتراوح بين أسبوعين وشهر، مقابل 21% فقط سنة 2019، وفق معطيات قدمتها وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور.
وأبرزت الوزيرة، خلال اجتماع مع أعضاء الكونفدرالية الوطنية للسياحة يوم الثلاثاء 16 شتنبر 2025، أن متوسط مدة الإقامة ناهز حاليا 7 أيام، مع تسجيل تحسن في معدل وفاء الزوار الذي ارتفع من 34% سنة 2019 إلى 38% حاليا. أما السياحة الداخلية، فقد شهدت بدورها تحسنا بنسبة 8% بحلول نهاية يوليوز، في وقت تراجعت رحلات المغاربة إلى الخارج بـ25% مقارنة بالسنة الماضية، وهو ما يعكس تزايد تفضيلهم لقضاء العطلة داخل بلدهم.
وفي هذا السياق اعتبر حميد بن الطاهر، رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة، أن هذه النتائج الإيجابية تستدعي تعزيز التعاون بين مختلف المتدخلين، من أجل تطوير التجربة السياحية بالمغرب من النقل إلى الإقامة.
وأكد بن الطاهر، في تصريح لـSNRTnews، أن عددا من الجهات، رغم غناها الطبيعي، ما زالت تواجه تحديات مرتبطة بالبنية التحتية ووسائل النقل، مثل جهة درعة – تافيلالت والجهة الشرقية، حيث يجري العمل على رفع قدرتها التنافسية لتتحول إلى وجهات مستدامة وليست موسمية فقط.
وأشار إلى أن العمل جار كذلك على تعزيز الاستثمار في وجهات رئيسية مثل مراكش وأكادير، بما يساهم في إشعاعها الدولي وخلق مزيد من فرص الشغل، مبرزا أن استضافة المملكة لتظاهرات كبرى، في مقدمتها مونديال 2030، تفرض تحسين العرض السياحي. وتابع أن الاستفادة من الآثار الإيجابية للنشاط السياحي بجميع جهات المملكة يستدعي تظافر جهود جميع الفاعلين بالقطاعين العام والخاص، لتحسين تجربة السياحة من المطارات إلى الطرق وصولا إلى أماكن الإقامة والمزارات السياحية.
ومن جهته لاحظ الزوبير بوحوت، الفاعل في القطاع السياحي، أن عدد الوافدين ارتفع خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية بنسبة 15% ليبلغ 13,5 مليون زائر، فيما وصلت عائدات العملة الصعبة إلى 67 مليار درهم، بزيادة 13% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.
وأضاف بوحوت لـSNRTnews أن السياحة العالمية سجلت نموا قدره 5% (690 مليون سائح)، ما يجعل وتيرة النمو المغربي (15%) أكثر تميزا على الصعيد الدولي، رغم أن نسبة مهمة من الوافدين تعود إلى أفراد الجالية المغربية بالخارج. وفي المقابل نبه بوحوت إلى استمرار التفاوتات المجالية، حيث تستحوذ مراكش وأكادير على نحو 65% من ليالي المبيت، فيما لا تتجاوز حصة باقي الجهات 35%.
وأشار إلى أن آلية “كاب هوسبيتاليتي” التي جرى إطلاقها لدعم وتمويل تسريع تأهيل مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة، لم تُفعل بالقدر الكافي، ما يكرس الفوارق بين المناطق. ولفت المتحدث ذاته إلى غياب استراتيجية واضحة للسياحة الداخلية، مذكرا ببرنامج “بلادي” الذي أُعلن ضمن خطة 2020، وكان يهدف إلى إنشاء ثماني محطات سياحية ملائمة للقدرة الشرائية للمغاربة، لكن لم ينجز منه سوى ثلاث محطات فقط، قبل أن يتم التخلي عنه في خارطة الطريق الجديدة.
وأكد على أن الرهان الحقيقي يتمثل في تقوية العرض السياحي وتنويعه، من خلال إنشاء مؤسسات فندقية ومطاعم جديدة وتطوير فضاءات التنشيط، لأن ضعف العرض أمام قوة الطلب يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار وتراجع الجودة.
المصدر: snrtnews
Leave a comment